يومٌ مُمطرٌ في ربيع الحياة
في هذا اليوم الربيعي البارد، انهمرت الأمطار بغزارة، تغسل الأرض وتبعث الحياة في كل زاوية من زوايا الطبيعة. انطلقت قطرات المطر تتراقص في الهواء، وكأنها تتلو أنشودةً منسجمة تعزفها الطبيعة بحبٍ وحنان. كانت السماء ملبدة بالغيوم، وأشعة الشمس تختبئ في زوايا الفضاء، لتزيد من جمال اللحظة وغموضها.
الأشجار بدت كأنها ترتدي ثوبًا جديدًا من الندى، وأوراقها اللامعة تتلألأ تحت قطرات المطر، وكأنها جواهر تتلألأ في ضوءٍ خافت. الهواء يعبق برائحة التراب الرطب، وهو عطرٌ فريد لا يمكن مقارنته بشيء آخر. كان لكل شيء حولنا صوت، وكل صوت يحمل في طياته حكايةً، سواء كانت من خرير المياه أو زقزوقة العصافير التي تعكس فرحة الحياة.
إنها لحظاتٌ تجعل القلب ينبض بشغف، كأنها دعوةٌ للتأمل والتفكر في عجائب الوجود. تحت قطرات المطر، تتراقص الأذهان وتغوص في عالم من الأفكار. أتذكر في هذه اللحظات حكايات الأجداد، تلك التي ترويها الأمهات في ليالي الشتاء الطويلة، حيث كانت تجتمع العائلة حول المدفأة، ويتبادلون الأحاديث والأشعار.
ففي الأدب العربي، كانت الأمطار رمزًا للرحمة والغفران، تجلب معها الأمل وتجدد العهود. لقد كتب الشعراء عن جمالها، وكيف كانت تلامس القلوب وتغسل الهموم. كقول الشاعر:
أمطرتُ وما زلتُ أسألُ عن حُلمٍ قد جادَتْ بهِ السماءُ،
كيف أعودُ لأحيا في فجرِ الأيامِ بعدَ كلِّ هذا السُرُب؟
إنها دعوةٌ للعودة إلى الذات، للبحث عن معاني الحياة وسط الفوضى. فالمطر ليس مجرد ماءٍ ينزل من السماء، بل هو تجسيدٌ للأمل، وللأحلام التي تروى بأدق تفاصيلها، كما ينسجها الشعراء في قصائدهم.
في ختام هذا اليوم الممطر، أتمنى أن نتذكر دائمًا أن الحياة تشبه هذه الأمطار، قد تأتي في أوقاتٍ غير متوقعة، ولكنها دائمًا تحمل في طياتها الخير والتجدد. لذا، دعونا نحتفل بكل قطرة، وبكل لحظة، ونجعل من حياتنا قصيدةً تُروى للأجيال القادمة.
Post a Comment
0Comments